اقتصاد وأعمال

أي موقع لتونس من دعوة البنك الدولي لبناء الثقة لزيادة الإيرادات الضريبية؟

 

أبرزت مذكرة أصدرها البنك الدولي مؤخرا أن الإيرادات الضريبية في العديد من البلدان النامية لا تزال أقل بكثير من المستويات اللازمة لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين أو تمويل الإنفاق الإضافي من أجل الحد من تأثير جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19). لكن يجب على الحكومات، وهي تبحث عن سبل لتدعيم أنظمة تحصيل الضرائب، أن تتبع نهجاً شاملاً للإصلاح الضريبي يتضمن بناء ثقة المواطنين.

ورد ذلك في تقرير جديد أعده البنك الدولي بعنوان “الابتكارات في مجال الامتثال الضريبي: بناء الثقة، وإدارة دفة السياسات، وتصميم الإصلاحات” يحدد فيه إطاراً جديداً ومتكاملاً من أجل تحسين الأنظمة الضريبية استناداً إلى ثلاث ركائز أساسية هي: إنفاذ تحصيل الضرائب، وتسهيل الامتثال الضريبي، وبناء الثقة. ووفقاً لهذا التقرير، عند تنفيذ استراتيجيات لزيادة الثقة بين دافعي الضرائب والإدارات الضريبية جنباً إلى جنب مع الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز عملية الإنفاذ وتحسين التسهيل، فإنها يمكن أن تؤدي إلى زيادة معدلات الامتثال وإرساء أساس للدعم العام لإيجاد نظام ضريبي أكثر فعالية.

وتعليقاً على التقرير، قال إدوارد أولوو- أوكيري، مدير قطاع الممارسات العالمية للحوكمة بالبنك الدولي: “يقدم التقرير مسارات عملية وواضحة لوضع بناء الثقة موضع التنفيذ. كما يوفر معلومات مفصلة عن المبادرات الناجحة، ويحث القائمين على الإصلاح على التركيز على كيفية تصميم استراتيجيات أكثر فاعلية تناسب السياقات والقيود المحلية. ففي فريتاون بسيراليون، على سبيل المثال، جاء نجاح إصلاحات الضريبة العقارية في أعقاب برامج توعية عامة مهمة ومنتديات جديدة من أجل المشاركة بين دافعي الضرائب والسلطات المعنية”.

هذا وتم التأكيد على ان الإصلاحات الضريبية قد اتجهت بشدة نحو تدعيم إنفاذ تحصيل الضرائب وتسهيل الامتثال، مع فرض عقوبات على المواطنين والشركات التي تتهرب من دفع التزاماتها، وتقوية الآليات التي تيسر إلى أقصى حد ممكن على دافعي الضرائب معرفة ما عليهم من مديونيات وتسديد ما عليهم من مدفوعات. إلا أنه على الرغم مما تحقق من نجاحات كبيرة، لم تكن هذه الجهود كافية لمواصلة تقديم أنظمة ضريبية أكثر فعالية وإنصافاً وخضوعاً للمساءلة. في الواقع، لا تزال الضرائب المفروضة على الأثرياء غير فعالة إلى حد بعيد في العديد من البلدان. ويبدو أن ضعف نظام الضرائب في العديد من البلدان ينبع من المقاومة السياسية لفرض ضرائب أكثر فعالية، وتدني مستويات الثقة والامتثال، والصعوبات التي تشكلها الثروة التي يحتفظ بها أصحابها في خارج البلاد.

وقد أظهر تقرير أُجري مؤخراً حسب البنك الدولي أن نقص الثقة في دور الدولة بوصفها الجهة التي تتولى تحصيل الضرائب وتقديم الخدمات لا يزال يمثل عنصراً مهماً يجعل العديد من دافعي الضرائب المحتملين يحجمون عن تقنين أوضاعهم والانضمام للعمل ضمن منظومة الاقتصاد الرسمي أو دفع ضرائبهم بالكامل – ويقوض الدعم السياسي الأوسع نطاقاً لجهود الإصلاح.

وللإشارة فيما يخص الحالة التونسية في مجال التصرف في مجال الجباية، فقد التقت يوم 8 ديسمبر الفارط رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، رئيس هيئة الخبراء المحاسبين وليد بن صالح حيث نوّهت بالدور الأساسي للخبراء المحاسبين الى جانب بقية الفاعلين الاقتصاديين، في المساهمة في الإصلاحات الاقتصادية التي تعتزم الحكومة تطبيقها من أجل اصلاح المالية العمومية ودعم الاستثمار.

من جهته، قدم رئيس هيئة الخبراء المحاسبين السيد وليد بن صالح وثيقة تضمّنت جملة من المقترحات تتعلق خاصة بتنقيح النظام الجبائي وتطويره ودعم الاستثمار. كما اقترح تخفيف وتبسيط النصوص القانونية والإجراءات ومقاومة التهرب الضريبي وتعزيز المراقبة وتحسين مناخ الأعمال.

وقدمت وثيقة الهيئة 60 مقترحا لتبسيط الاجراءات والنصوص الادارية وخاصة الجبائية ومجابهة التهرب الضريبي ودعم الاستثمار سيما ان المؤسسات التونسية تكابد التقيد بمقتضيات واحكام 6 مجلات قانونية جبائية تتضمن على الاقل أكثر من ألف نص قانوني و531 قرار ضريبي تم اعتمادها منذ 2011 و265 مذكرة عامة صادرة عن الادارة العامة للأداءات بوزارة المالية و4700 توصية في مادة الجباية والضرائب بما يجعل من المؤسسة التونسية تشهد معاناة مستمرة للامتثال لما لا يقل عن 6 آلاف نص وقانون ومادة جبائية.

كما اشارت وثيقة هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية بالرجوع الى تقرير ممارسة أنشطة الاعمال العالمي 2020 الذي يصدره كل عام البنك الدولي، ان معدل الوقت الذي يخصص لإنجاز الاجراءات الجبائية يناهز بالنسبة لتونس 144 ساعة سنويا وان متوسط عدد الدفوعات لإدارة الجباية يساوي 8 عمليات سنويا. وتم تصنيف تونس في هذا الصدد في المرتبة 108 ضمن 189 دولة في حين يتمركز المغرب، على سبيل المثال، في المرتبة 24.

وتصل على هذا الاساس نسبة الضغط الجبائي والاقتطاعات الاجبارية الى نحو 32.5 بالمائة من الدخل الوطني المتاحة غير ان وثيقة هيئة الخبراء المحاسبين اعربت في هذا الصدد عن اعتقادها بغياب ارادة اصلاح الجباية وتخفيف عبء البيروقراطية بحكم الادارة التونسية تبنت في 2014 مشروعا لإعادة النظر في المنظومة الضريبية يقوم على اعتماد 395 اصلاح نص جبائي لم يدخل منها حيز النفاذ سوى 75 اجراء مما يعني ان نسبة تقدم انجاز الاصلاح لا تتجاوز اليوم 19 بالمائة.

وأدت الوضعية عموما الى تفاقم التهرب الضريبي، اذ لا يدفع 70 بالمائة من الاشخاص الطبيعيين الممارسين لأنشطة اقتصادية سوى 42 مليون دينار سنويا لإدارة الجباية وذلك، حسب دراسة انجزتها جمعية الاقتصاديين التونسيين، بما يعني ان معدل دفوعاتهم لا يتجاوز100 دينار سنويا…

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى