اقتصاد وأعمال

بسبب نقص الأسمدة والتهريب: محصول الحبوب لا يغطي سوى ربع الاستهلاك المحلي

 

أكد ديوان الحبوب في بلاغ أصدره نهاية الأسبوع الفارط ان كميات الحبوب المجمعة بتاريخ 5 اوت الجاري بمختلف مناطق البلاد تقدر بـ 7.433 مليون قنطار موزعة بين 6.683 مليون قنطار للقمح الصلب، و0.343 مليون قنطار للقمح الليّن، و0.407 مليون قنطار للشعير وتريتكال مضيفا بان الكميات المجمعة ستمكن، باعتبار معدل الاستهلاك الشهري في حدود 1 مليون قنطار من القمح الصلب، من تأمين الاحتياجات من هذه المادة إلى موفّى سنة 2022 علما أنّ عمليات توريد مادتي القمح اللين والشعير متواصلة باعتبار حجم الكميات المجمعة والاستهلاك الشهري.

وأفاد الديوان، في ذات السياق، ان العمل جار حاليا لتعبئة الموارد المالية اللازمة لضمان مواصلة توريد الكميات المبرمجة لسدّ الاحتياجات من القمح اللين والشعير ولتمويل توريد كميات من القمح الصلب لتغطية الاحتياجات خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2023 حتّى بلوغ موسم التجميع المقبل. كما وقع التأكيد، في جانب اخر، على وضع خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة القمح الصلب خلال موسم الحبوب المقبل من خلال التوسّع في المساحات المخصّصة والرفع من الانتاج وتوفير المدخلات خاصة من البذور والأسمدة وإعادة هيكلة منظومة التأطير والإرشاد الفلاحي.

غير ان المؤشرات المفصح عنها من قبل الديوان تبقى دون التقديرات الأولية المتفائلة في خصوص تجميع محصول من الحبوب في حدود 18 مليون قنطار، من ناحية وبعيدة عن تحقيق برامج الاكتفاء الذاتي حيث تحتاج البلاد الى استيراد أكثر من ثلثي استهلاكها والذي يقدر بزهاء 32 مليون قنطار.

وتفسر هذه الوضعية المخيبة للآمال رغم الظروف المناخية الملائمة هذا الموسم بتفشي ظاهرة شراء المحاصيل مباشرة من الفلاحين من قبل مهربين ووسطاء علاوة على ما عرفته فترة البذر من نقص حاد في الأسمدة ومدخلات اساسية لتحقيق انتاج ذو مردود مقبول.

هذا وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد أكد في شهر ماي الفارط انه سيتم تسجيل محصول قياسي هذا العام مما يجعل من البلاد قادرة على تحقيق اكتفائها الذاتي من الحبوب، غير أن المعطيات الأخيرة ابرزت تواصل الحاجة إلى توريد كميات كبرى من الحبوب لضمان الخبز للمواطنين بما لا يقل عن 20 مليون قنطار.

ويحتاج بلوغ الاكتفاء الذاتي من الحبوب في الواقع جهدا كبيرا ومراجعة تامة لمنظومة الحبوب واحكام تمويل المنتجين وتعصير المستغلات الفلاحية وتوسعتها فضلا عن ترشيد الاستهلاك سيما فيما يتعلق بالقمح اللين وذلك من خلال الحد من التبذير علما ان معدل الاستهلاك الفردي السنوي من الحبوب في تونس إلى 200 كلغ مقابل معدل عالمي يتراوح بين 70 و80 كلغ للفرد الواحد. كما يتطلب تحقيق الاكتفاء من القمح الصلب على الأقل وضع خطة شاملة ومتعددة المتدخلين تساهم فيها البنوك بشكل أساسي من خلال احداث موارد تمويل خصوصية ذات شروط ميسرة وذلك بالأساس على مستوى نسب الفائدة مما يساعد الفلاحين على تطوير الإنتاج.

يذكر ان مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي كان قد وافق في أواخر جوان الفارط على تمويل جديد بقيمة 130 مليون دولار لفائدة تونس للتخفيف من تأثير الحرب في أوكرانيا على أسعار المواد الغذائية وذلك في إطار تمكين البلاد من تمويل الواردات الحيوية من القمح الليّن وتقديم مساندة طارئة لتغطية واردات البلاد من الشعير اللازم لإنتاج الألبان. كما يهدف التمويل إلى دعم الفلاحين من أصحاب الأراضي الصغيرة بالبذور للموسم الفلاحي القادم.

ويندرج دعم المؤسسة المالية الدولية في إطار برنامج للتدخّل العاجل تم وضعه بالتنسيق مع شركاء تونس الماليين، بما في ذلك البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، والبنك الأوروبي للاستثمار، والاتحاد الأوروبي لدعم الواردات قصيرة المدى من القمح المستعمل في صناعة الخبز لضمان استمرار حصول محدودي الدخل على الخبز بأسعار معقولة، ومن الشعير المستعمل في تربية الماشية، فضلاً عن توفير المستلزمات الفلاحية للإنتاج المحلي من الحبوب.

وتشهد البلاد، منذ مدة اضطرابات في التزويد بالحبوب، حيث تم الماضية استيراد 60 بالمائة من الاحتياجات من القمح اللين، و66 بالمائة من الاحتياجات من الشعير من كلٍ من روسيا وأوكرانيا. وفرضت الحرب الروسية الأوكرانية واقعا جديدا على الدول الموردة للحبوب، بعد أن ارتفعت أسعار الحبوب إلى مستويات قياسية، ما يكلّف ميزانية الدولة التونسية حوالي 1.3 مليار دينار إضافية لدعم الغذاء، هذا العام.

وأعلنت الحكومة مؤخرا عن خطة لزيادة إنتاج القمح بـ 50 بالمائة بداية من العام المقبل، وذلك في إطار خطة لتحسين الأمن الغذائي للبلاد، بعد الأزمة الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع اسعار الحبوب إلى مستويات قياسية.

واوضح وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، إلياس حمزة، في هذا السياق ان الاستعدادات جارية لتبني برنامج لزيادة إنتاج الحبوب عبر توسعة المساحات المخصصة لإنتاج القمح، وذلك بتخصيص 200 ألف هكتار إضافية بداية من موسم البذر القادم. كما أشار إلى أن البرنامج يرمي الى تحقيق اكتفاء ذاتي من القمح الصلب، وإنتاج 12 مليون قنطار خلال الموسم 2023، ورفع أسعار شراء الحبوب من الفلاحين بنحو 50 بالمائة، وتوسيع مساحات الزراعة إلى 800 ألف هكتار، مقابل معدل حالي للمساحات المزروعة بنحو 600 ألف هكتار.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى