وفقًا لقديرات وكالة فيتش في تقريرها الاخير حول آفاق الاقتصاد العالمي لشهر جوان، والذي نُشر في 26 جوان الجاري، يُظهر النمو العالمي مرونة على المدى القريب، ولكن مع استمرار ارتفاع التضخم الأساسي، ستحتاج البنوك المركزية إلى مواصلة تشديد السياسة في الأشهر المقبلة. فيما كان لتعديلات السياسة النقدية تأثير سلبي على توقعات النمو العالمي لعام 2024.
وحسب فيتش، استقر النشاط العالمي بشكل أفضل من المتوقع ورفعت الوكالة توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2023 إلى 2.4٪ من 2.0٪ في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر مارس.
رفع توقعات النمو للأسواق الناشئة
كان التحسن ملموسا في الأسواق الناشئة حيث كانت البيانات أقوى بكثير من المتوقع. لذا، رفعت وكالة فيتش توقعاتها لنمو الأسواق الناشئة خارج الصين لعام 2023 من 2.0٪ إلى 2.9٪، وشهدت البرازيل والهند والمكسيك وروسيا تحسنا كبيرا. ورفعت الوكالة توقعات الصين لعام 2023 إلى 5.6٪ من 5.2٪ بعد إعادة الافتتاح أسرع من المتوقع في الثلاثي الأول من العام الحالي. وفقد الانتعاش بعض قوته في الأشهر الأخيرة، لكن الاستهلاك استمر في العودة إلى طبيعته وبدأت سياسة الاقتصاد الكلي في التراجع.
كما رفعت فيتش توقعاتها للنمو في الولايات المتحدة لعام 2023 من 1.0٪ إلى 1.2٪ مع استمرار نمو الاستهلاك والتشغيل. غير أنه من المتوقع أن يؤدي تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى دفع الاقتصاد إلى ركود معتدل، مؤجل إلى الثلاثي الرابع من عام 2023 والثلاثي الأول من عام 2024. لذلك تم تخفيض توقعات النمو في الولايات المتحدة لعام 2024 إلى 0.5٪ من 0.8٪.
ولم تتغير توقعات النمو في منطقة اليورو لعامي 2023 و2024 عند 0.8٪ و1.4٪ على التوالي. فيما خفت حدة أزمة الغاز الطبيعي في أوروبا، لكن البنك المركزي الأوروبي يشدد السياسة النقدية. ولا تزال وكالة فيتش تتوقع حدوث ركود في المملكة المتحدة في عام 2023 حيث تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة عبء خدمة الدين على الأسر.
وخفضت وكالة فيتش توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2024 من 2.4٪ إلى 2.1٪ في مارس، بسبب فترات التأخر الأطول في تأثير ارتفاع أسعار الفائدة، فضلاً عن ضعف نمو الأسواق الناشئة.
استمرار التضخم
انخفض معدل التضخم الرئيسي، لكن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعا مع استمرار ارتفاع نسب تضخم كلفة الخدمات. ويعتبر نمو الأجور في الولايات المتحدة وأوروبا أعلى بكثير من المعدلات المتوافقة مع أهداف التضخم، حيث تظل أسواق العمل راكدة.
وأصبحت البنوك المركزية في البلدان المتقدمة أكثر قلقًا بشأن استمرار التضخم لذا قامت الوكالة بمراجعة توقعاتها لأسعار الفائدة بشكل كبير. كما تتوقع وكالة فيتش أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة مرتين أخريين خلال الأشهر القليلة المقبلة إلى مستويات عالية تبلغ 5.75٪ و4.5٪ على التوالي وأن يرتفع بنك إنجلترا معدلاته عند 5.25٪. ولا يتوقع المزيد من التخفيضات قبل عام 2024. وفي الأسواق الناشئة، من ناحية أخرى، خفضت الصين مؤخرًا أسعار الفائدة ومن المتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة في البرازيل والمكسيك في وقت لاحق من هذا العام.
كما ساهم انخفاض نسب البطالة واحتياطيات المدخرات التي تراكمت خلال جائحة كورونا في تقليص صدمات العرض في النمو المسجل مؤخرا. لكن تشديد السياسة النقدية يكتسب قوة وسيؤثر بشكل متزايد على الطلب الأمريكي والأوروبي بمرور الوقت.
ولا تتوقع وكالة فيتش حدوث أزمة ائتمانية فورية في أعقاب الضغوط البنكية الأخيرة في الولايات المتحدة، لكن تكاليف تمويل البنوك آخذة في الارتفاع. ومع سياسات التضييق الكمي للبنك المركزي التي تجذب السيولة بعيدًا فإنّ أزمة اقراض أعمق من المتوقع يمكن أن تضر بالنمو.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات