لئن شهدت حركة الاستثمار في هذه قطاع تربية الاحياء المائية نسقا بطيئا في مراحلها الأولى ولم ترتقَ إلى مستوى الأهداف المرسومة، فإنها تعرف حاليا نموا مطردا فاق التوقعات اذ زادت الاستثمارات على مستوى هذه المنظومة في العام الماضي بنسبة 560 بالمائة وهو رقم قياسي في القطاع الفلاحي.
ويلعب، عموما، نشاط تربية الأحياء المائيّة دورا هاما في تخفيف الضّغط المسلّط على المخزونات السّمكيّة البحريّة من خلال توفير كميّات إضافيّة معتبرة من الأسماك والقوقعيّات والقشريات ذات جودة عالية وقيمة غذائيّة وفائدة صحيّة تفوق اللحوم البيضاء والحمراء. وتتوقع المنظمة العالمية للزراعة والتغذية أن يسجل قطاع تربية الأحياء المائية 50 بالمائة من الإنتاج الجملي لمنتجات الصيد البحري في حدود 2030.
استثمارات قياسية
بين المرصد الوطني للفلاحة في نشريته الشهرية الدورية الصادرة الأسبوع الفارط، أن قطاع تربية الأحياء المائية استقطب خلال سنة 2024 استثمارات بلغت 25.9 مليون دينار مما شكل ارتفاعا بنسبة 560 بالمائة مقارنة بسنة 2023 في وقت تراجع فيه اجمالي الاستثمارات المصادق عليها في قطاع الفلاحة بنسبة 7 بالمائة.
ويعتبر نشاط تربية الأحياء المائيّة أحد الأنشطة العريقة المترسخة في تاريخ تونس، حيث تعود أولى المبادرات الى عهد الإمبراطورية الرومانية كما تبينه بعض اللوحات الفسيفسائية. اما في التاريخ المعاصر، فانه يمكن الحديث على اول المبادرات الرسمية في مجال تربية الأسماك البحرية إلى سنة 1984 ببحيرة بوغرارة جنوب جزيرة جربة واعتمدت هذه المبادرة على إنتاج الأسماك في الأقفاص العائمة أما المحاولة الثانية فقد كانت على بعد خمسين كيلومترا شمال مدينة سوسة وتمثلت في إنتاج القاروص والوراطة في أحواض على اليابسة بعد ضخ مياه البحر اليها.
هذا ويكتسي نشاط الصيد البحري أهمية كبرى من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية باعتباره يوفر حوالي 53 ألف موطن شغل مباشر و20 ألف غير مباشر ويمثل 8 بالمائة من قيمة الإنتاج الفلاحي و1.1 بالمائة من الناتج المحلي الخام ويحتل المرتبة الثانية بعد زيت الزيتون من حيث عائدات الصادرات الغذائية التونسية.
استراتيجية وطنية طموحة
تسعى سلط الاشراف ضمن الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على الثروة السمكية الى تنمية قطاع تربية الأحياء المائية، والذي تطور من 3 آلاف طن سنة 2004 إلى 26 ألف طن حاليا، وهي قفزة نوعية علما أن الهدف يتمثل في بلوغ 56 ألف طن سنة 2030، حيث يتم العمل على تلافي بعض المعوقات التي تحول دون تطور القطاع والمتعلقة أساسا بالمدخلات.
وبالرغم من ان تونس تعد من أبرز البلدان المنتجة للأسماك في حوض البحر الأبيض المتوسط حيث يبلغ إنتاج الصيد البحري سنويا في البلاد حوالي 151.000 طن الا ان نشاط تربية الأسماك أصبح نشاطا لا بد منه ليحول دون النقص المسجل على مستوى الأصناف الرفيعة من الأسماك (القاروص والوراطة والبوري) وحلا كذلك لتنويع قاعدة العرض بما يتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن التونسي خاصة أن هذه الانواع من الاسماك تتميز بأسعارها المعقولة ولها فوائد غذائية هامة، مما جعلها تدخل بقوة خلال السنوات الأخيرة في العادات الغذائية للمستهلك التونسي ومكنت من تغطية النقص في العرض على مستوى السوق.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات