تكشف بيانات احصائية أن قطاع اللحوم شهد في السنوات الأخيرة اضطرابات عديدة وذلك في ظل تراجع الاستهلاك حيث انخفضت نسبته سنويا للمواطن التونسي من 9.5 كلغ إلى 8.300 كلغ حاليا، مما يعني ان معدل الانفاق بالأسعار الحالية هو في حدود 370 دينار وهي نسبة محدودة مقارنة بالمعدل العالمي، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا تقدّر نسبة الاستهلاك بـ 243 كلغ سنويا، علما أن استهلاك التونسي من اللحوم موسمي ومناسباتي بالأساس.
وتطرح هذه الوضعية عدة تحديات أهمها ضرورة تطوير استهلاك اللحوم الحمراء في البلاد وذلك بالتوازي مع التفكير في حلول أخرى لاستهلاك لحوم صحية أكثر لتعويض العجز وتقليص الضغط على استهلاك لحوم الدواجن واللحوم الحمراء على غرار الاعتماد على لحم الأرانب التي تعتبر نسبة استهلاك التونسي له ضئيلة.
مساع لدعم المنظومة
لتعزيز منظومة استهلاك اللحوم الحمراء من خلال تعديل الأسعار، وصلت مؤخرا أول حاوية من لحوم الأبقار المبردة والمستوردة الى تونس، وعلى متنها 50 عجلا وتزن 50 طنا وذلك في إطار جهود سلط الاشراف لتحسين العرض وتعديل أسعار هذه المنتجات الحيوية.
وبخصوص الأسعار، فقد تم تحديدها حسب أصناف قطع اللحوم بين 26 دينارا و35 دينارا و500 مليم مع برمجة توريد حاويتين بانتظام اسبوعيا من لحوم الابقار المبردة. كما وصلت كمية من لحوم الضأن وسط التخطيط لاستيراد ألفي طن من اللحوم تنقسم الى 1500 طن لحوم ابقار و500 طن من لحوم الضأن.
تتنزل هذه المبادرة في إطار الاستعداد لتوفير مستلزمات المواطنين من اللحوم خلال شهر رمضان بأسعار تفاضلية، علما انه تم تحديد اسعار لحوم الضأن بـ 38 دينارا و200 مليم. ويعود ارتفاع اسعار لحوم الضأن في البلاد اساسا الى قلة الانتاج، وهو ما ستقع مجابهته بتنظيم مبادرات تخفيض في اسعار اللحوم كل نهاية اسبوع بشكل مسترسل.
معطيات السوق
تبين المعطيات الاحصائية أنّ سوق اللحوم الحمراء في تونس تعتمد على ما هو متوفّر بالأساس، وسط تقديرات باستهلاك سنوي للتونسيين يقدّر بحوالي 130 ألف طن في حين تنتج منه البلاد نحو 127 ألف طن.
ويشهد القطاع، بشكل عام، بعض التحديات الهيكلية التي تتعلق بتوفر القطيع وبعض التقاليد في علاقة بالسوق بين تونس ودول الجوار في هذا المجال، والتي كان لها نتائج سلبية حتى على مستوى ضبط أرقام توفر القطيع في السوق المحلية، وسط تدخل عدة هياكل لتوفير هذه المادة إلى جانب التدخل التعديلي بجلب الأبقار للتسمين أو عن طريق شركة اللحوم والشركات الخاصة التي تورد اللحوم المجمدة لتزويد النزل وغيرها من المؤسسات.
هذا وأصبحت اللحوم الحمراء منتجا غير متاح للعديد من التونسيين لا سيما في عدد من المواسم الاستهلاكية. وفي بعض المناطق فاقت الأسعار 50 دينارا للكيلو الواحد، وهو مبلغ باهظ بالنسبة للمستهلك العادي. وقد أدت المضاربة في السوق إلى زيادة التكاليف بشكل واضح، مما جعل الحصول على اللحوم الحمراء مسالة صعبة على المستهلكين. تضاف إلى ذلك إشكالات وتحديات التصرف في القطاع، رغم جهود السلطات من أجل استقرار الأسعار وضمان التوزيع المنتظم للسلع.
تدخل ناجع للسلطات
عرفت القدرة الشرائية للتونسيين تقلبات جد ملحوظة لا سيما في العشرية الأخيرة. ووفقا لآخر الاحصائيات، تنفق كل أسرة ما معدله 1065 دينارًا سنويًا على مشترياتها من اللحوم الحمراء والدواجن. واليوم، ومع تطور تكاليف المعيشة، يتعين على العديد من الأسر مراجعة أولوياتها الغذائية، وترشيد استهلاك اللحوم الحمراء في حدود مضبوطة صحيا لصالح منتجات ذات أسعار معقولة نسبيا.
ومؤخرا، طلبت عدة جهات مهنية تدخل السلطات لتحديد سقف لأسعار اللحوم الحمراء قبل شهر رمضان. وتهدف هذه المبادرة إلى تخفيض الأسعار التي ارتفعت أسعارها بما يتجاوز القدرة الشرائية للتونسيين. هذا ويخضع تداول اللحوم الحمراء إلى مبدأ تحرير الأسعار، وتختلف الأسعار بذلك من منطقة إلى أخرى باختلاف التكلفة. ورغم ذلك أعلنت سلط الاشراف منذ مدة عن تحديد أسعار اللحوم عند مستويات مقبولة، غير أن واقع السوق لم يستجب بالقدر الكافي للتوصيات الرسمية.
في نفس السياق، تفرض وزارة التجارة قيوداً على واردات اللحوم وذلك عبر تحديد الحصة السنوية المسموح بها للشركات الخاصة حسب ما تحتاجه السوق وعدد من القطاعات المستهلكة على غرار القطاع السياحي، مع إعطاء الأولوية للشركات العمومية في تنفيذ برنامج التوريد، لكنّ الموردين يؤكدون ان توريد كميات من اللحوم أمر ضروري لتعديل الأسعار وتنويع العرض، خصوصا في فترات ذروة الإقبال على اللحوم لا سيما بمناسبة شهر رمضان وعيد الاضحى.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات