القارب الذي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مثقل بالأعباء، وفي مقدمها قضايا فساد جسيمة يُرجح أن تزجّ به في السجن لسنوات طويلة ما إن تصمت المدافع في غزة. “بيبي” يعلم جيداً ما ينتظره، ولهذا السبب يبذل قصارى جهده لإطالة أمد معاناة الفلسطينيين. لكنه لن يفلت، فدوره آتٍ لا محالة، خصوصاً بعد التفجير السياسي الذي فجّره رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار.
نتنياهو يطالب بإزاحة بار بشدة، وقد أقاله رسميًا على الأرجح في محاولة للتغطية على فضائحه الشخصية. لكن بار ليس من النوع الذي يُهزم بسهولة، ويبدو أنه عازم على المواجهة حتى النهاية. فبعد تقريره الصادم حول فشل الحكومة قبل وخلال هجوم 7 أكتوبر، عاد بار يوم الإثنين 21 أفريل بوثيقة خطيرة، مكتوبة تحت القسم، وموجهة إلى المحكمة العليا، ما يجعل أقواله أكثر ثقلاً وأشد وقعًا.
بار اتهم نتنياهو بأنه طلب منه أن يتحول إلى أداة طيّعة بيده، تراقب المواطنين الإسرائيليين المشاركين في الحراك الشعبي المناهض للحكومة. ورد مكتب نتنياهو ببيان مقتضب وصف فيه أقوال بار بـ”الادعاءات الكاذبة”.
لكن الحقيقة أن جزءًا كبيرًا من الرأي العام الإسرائيلي، بالإضافة إلى المستشارة القضائية للدولة، يقف في صف بار. قرار إقالته أثار موجة احتجاجات، والمعارضة اعتبرت ما حدث “طعنة في قلب الديمقراطية”. وفي 8 أفريل 2025، طلبت المحكمة العليا من الحكومة والمستشارة القضائية التنسيق فيما بينهما بشأن مسألة الإقالة بعد عطلة عيد الفصح اليهودي، ما ينذر بمفاوضات شاقة ومحتدمة.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن بار قد يختار الاستقالة طوعاً لوضع حد لهذه الفوضى. إذ من الصعب تصور استمراره في منصب بالغ الحساسية في ظل انعدام الثقة مع رئيس الوزراء. لكن حتى في حال رحيله، فإن مشاكل نتنياهو لن تزول، بل على العكس، قد تكون قد بدأت للتو. فالوثيقة التي قدّمها بار يوم الإثنين مليئة باتهامات خطيرة.
يقول بار في شهادته إن الجو العام في المشهد السياسي والدستوري كان يفرض عليه أن يختار جانب نتنياهو لا المحكمة العليا. كما فند مزاعم نتنياهو ومساعديه بأن جهاز الشاباك لم يقدّم إنذارًا مبكرًا بشأن هجوم حماس.
ويؤكد بار أن جميع أجهزة الأمن تلقت عند الساعة الثالثة فجرًا تحذيرات عن “تحركات غير اعتيادية واحتمال وجود نوايا هجومية لدى حماس”. وأوضح أنه وصل إلى مكتبه الساعة الرابعة والنصف صباحًا، أي قبل ساعتين من بدء الهجوم، وأعطى تعليمات لإبلاغ السكرتير العسكري لرئيس الوزراء بالخطر المحدق.
وأضاف بأسف: “من المؤلم أن أقول إن أحداً لم يتوقع أن يقع هجوم بهذا الحجم، وبالتأكيد ليس في ذلك الصباح… لكن في تلك الليلة، لم يتم إخفاء شيء عن المؤسسة الأمنية أو عن رئيس الوزراء”.
كما كشف أن نتنياهو طلب منه أكثر من مرة أن تستخدم أجهزة الأمن الداخلي نفوذها ضد المواطنين المشاركين في الاحتجاجات، “مع تركيز خاص على مراقبة ممولي هذه الحركات الاحتجاجية”.
وأكد بار معلومات نشرتها الصحافة تفيد بأن نتنياهو حاول دفعه إلى التوقيع على وثيقة تمنع مثوله أمام المحكمة في قضايا الفساد المتهم بها.
يُذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية كانت قد أصدرت في 9 أفريل 2025 قراراً يؤكد تجميد إقالة بار بعد مراجعة خمسة طعون قدمت إليها. وقررت أن “يواصل بار أداء مهامه حتى إشعار آخر”، مع السماح للحكومة ببدء جلسات الاستماع لاختيار خليفة له، لكنها منعت أي إعلان رسمي عن التعيين.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات