قامت السفارة الأوكرانية في تونس، اليوم الأحد 6 أفريل 2025، بإنزال العلم الأوكراني إلى نصف السارية، تعبيراً عن الحداد والتضامن مع ضحايا الهجوم الصاروخي الروسي الذي استهدف مدينة كريفي ريه وسط أوكرانيا. وقد أسفر هذا الهجوم الدامي عن مقتل 19 شخصاً، من بينهم 9 أطفال، ما أثار موجة من الحزن العميق في البلاد وبين أفراد الجالية الأوكرانية حول العالم.
وقد تم إعلان يوم حداد وطني في جميع أنحاء أوكرانيا، في حين شاركت البعثات الدبلوماسية الأوكرانية في الخارج، بما في ذلك في تونس، في إحياء ذكرى الضحايا من خلال رفع الأعلام منكسة، تعبيراً عن الحزن والوحدة في مواجهة مأساة وطنية جديدة. وهكذا، أصبحت العاصمة التونسية شاهدة على تحية صامتة ولكن مؤثرة، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وما تخلفه من مآسٍ.
هجوم دموي على حي سكني
وقع الهجوم يوم الجمعة 4 أفريل، حينما أصاب صاروخ باليستي حياً سكنياً في مدينة كريفي ريه الصناعية، التي يقطنها نحو 600 ألف نسمة، وتبعد حوالي 60 كيلومتراً عن خط الجبهة الشرقية.
وبحسب السلطات الأوكرانية، سقط الصاروخ بالقرب من مبانٍ سكنية، مستهدفاً ملعباً للأطفال وعدداً من الشوارع المزدحمة، ما أسفر عن مقتل 19 شخصاً وإصابة 74 آخرين على الأقل، من بينهم رضيع يبلغ من العمر ثلاثة أشهر. وقد أفادت المصادر الطبية أن 17 من المصابين لا يزالون في حالة حرجة.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهو من أبناء مدينة كريفي ريه، صرّح أن أصغر ضحية كانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط، واصفاً الهجوم بأنه “جريمة لا تغتفر”. وأضاف عبر قناته على تيليغرام: “لن يكون هناك غفران لهذا أبداً.”
الكرملين يزعم استهداف هدف عسكري وكييف ترد باتهام بمجزرة
من جهتها، زعمت وزارة الدفاع الروسية أنها استهدفت مطعماً يُستخدم كمركز اجتماع للضباط الأوكرانيين ومدربين أجانب، مدعية مقتل 85 عسكرياً وتدمير 20 مركبة عسكرية.
لكن كييف رفضت هذه الرواية بشكل قاطع، متهمة موسكو باستهداف المدنيين عمداً وشن ضربات عشوائية على مناطق غير عسكرية. وأفادت السلطات الأوكرانية بأن العشرات من المباني والمركبات والمنشآت التعليمية والتجارية قد تضررت في المنطقة التي طالها القصف.
موجة من الهجمات الجوية في عموم البلاد
في اليوم نفسه الذي نُكس فيه العلم في السفارة الأوكرانية بتونس، أُطلقت صفارات الإنذار في أنحاء أوكرانيا، في ثاني إنذار جوي خلال يوم واحد. وسُجلت انفجارات في العاصمة كييف، حيث اندلعت النيران في عدد من المباني غير السكنية. وفي منطقة دارنيتسكي بالعاصمة، أصيب ثلاثة أشخاص بجروح.
وفي كويبيانسك بمنطقة خاركيف، أصابت قنبلة موجهة روسية من طراز “كاب” مبنى سكنياً، مما أدى إلى إصابة مدنيين اثنين.
وفي ليلة السبت إلى الأحد، سُجلت إنذارات في نحو 12 منطقة أوكرانية، بما في ذلك جيتومير، وأوديسا، وميكولايف، وخيرسون. وأعلنت كييف أنها اعترضت 51 طائرة مسيّرة من أصل نحو 100 أطلقتها القوات الروسية.
حرب مستمرة وسلام بعيد المنال… وأمريكا تحت المجهر
مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الرابع، يواصل الرئيس زيلينسكي توجيه انتقادات لاذعة إلى الكرملين بسبب تجاهله الجهود الدولية للوساطة. واتهم فلاديمير بوتين بمحاولة كسب الوقت وعدم إبداء جدية في إنهاء الحرب، رغم المساعي الأمريكية لإحياء الهدنة.
كما عبّر زيلينسكي عن استيائه من الموقف الأمريكي عقب الهجوم على كريفي ريه، معبّراً عن دهشته من امتناع السفيرة الأمريكية في أوكرانيا عن تسمية روسيا صراحة كمسؤولة عن الهجوم.
وقال منتقداً عبر تيليغرام: “بلد قوي إلى هذا الحد، شعب بهذه القوة — وتكون ردود فعله بهذا الضعف؟ حتى الخوف من لفظ كلمة ‘روسيا’؟”
من خلال إعلان الحداد الوطني وإنزال الأعلام في جميع البعثات الدبلوماسية، ترسل أوكرانيا رسالة واضحة إلى العالم: الحرب ليست مجرد نزاع جيوسياسي، بل هي مأساة إنسانية عميقة تمس العائلات والأطفال والمجتمعات بأسرها.
وفي تونس كما في بقية أنحاء العالم، عبّر الحداد عن نفسه بوقار، لكن الغضب الشعبي لا يزال مستعراً إزاء حرب مستمرة تواصل تمزيق أرواح الأبرياء.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات