اقتصاد وأعمال

رغم انخفاضها في العالم، أسعار الغذاء تحلق عاليا في تونس

استمرت اسعار المواد الغذائية في العالم في التراجع في شهر جويلية الفارط للشهر الرابع على التوالي مع انخفاض أسعار القمح لأول مرة، وذلك وفقا لما أكدته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في بيان أصدرته مؤخرا. وافادت المنظمة الأممية في بيانها بان أسعار الغذاء العالمية تراجعت بشكل كبير الشهر الماضي، لكنها حذرت من استمرار حالة عدم اليقين بشأن الإنتاج المستقبلي.

وبلغ مؤشر الفاو لأسعار الغذاء، الذي يقيس التغير الشهري في الأسعار الدولية لسلة من السلع الغذائية، في المعدل ​​140.9 نقطة في جويلية الماضي، بانخفاض بحوالي 8.6 بالمائة مقارنة بشهر جوان. ويعد هذا أكبر انخفاض شهري في قيمة المؤشر منذ أكتوبر 2008 والانخفاض الرابع على التوالي على أساس شهري. ومع ذلك، يظل المؤشر أعلى بنسبة 13.1 بالمئة مما كان عليه في جويلية 2021.

كما سجل مؤشر الفاو لأسعار الزيوت النباتية أكبر انخفاض بنسبة 19.2 بالمئة في جويلية المنقضي الماضي ليصل إلى أدنى مستوى له في 10 أشهر، وذلك بسبب توفر كميات كبيرة من زيت النخيل للتصدير في إندونيسيا ومحاصيل جيدة من الكولزا. كما انخفض مؤشر أسعار الحبوب بنسبة 11.5 بالمئة مقارنة بشهر جوان، لكنه يظل أعلى بنسبة 16.6 بالمئة عن مستواه في جويلية 2021 تبعا للإعلان عن توصل روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق للسماح بالتصدير الآمن لملايين الاطنان من الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية بالإضافة إلى توفر المحاصيل الموسمية في دول عديدة. كما انخفضت مؤشرات السكر ومنتجات الألبان واللحوم، ولكن بدرجة أقل.

اما في تونس، فقد تواصل ارتفاع نسبة التضخم في شهر جويلية 2022 لتصل الى مستوى 8.2 بالمائة، وهي اعلى نسبة تسجل منذ 25 عاما ويعود ارتفاع نسبة التضخم، وفق المعهد الوطني للإحصاء، بالأساس إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات (من 9.5 بالمائة في جوان الى 11 بالمائة في جويلية).

وشهدت اسعار المواد الغذائية باحتساب الانزلاق السنوي ارتفاعا بنسبة 11بالمائة، ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار البيض بنسبة 24.2 بالمائة، وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 22.3 بالمائة، وأسعار الغلال الطازجة بنسبة 18.6 بالمائة وأسعار الخضر بنسبة 19.9 بالمائة وأسعار لحم الضأن بنسبة 11.9 بالمائة علما وأن نسبة الانزلاق السنوي للمواد الغذائية الحرة بلغت 13.1 بالمائة مقابل 0.3 بالمائة بالنسبة للمواد الغذائية المؤطرة.

ورغم إقرار مرسوم جديد لمكافحة الاحتكار سعيا لمكافحة الغلاء الجامح للمواد الغذائية ومجابهة ندرتها المتواصلة منذ أشهر، فان الأسعار تواصل ارتفاعها الزاحف مما تسبب في تدهور القدرة الشرائية لفئات واسعة من التونسيين. ويرجع غلاء الغذاء في البلاد في الواقع الى أسباب هيكلية أبرزها انخرام مسالك التوزيع وسيطرة كارتلات على الإنتاج والترويج علاوة على تفشي الممارسات المخالة بالمنافسة واستفحال ظواهر الاتفاقات السعرية الخفية. وتبرز عدة معطيات وتقارير ان تضخم الأسعار في تونس يمثل ظاهرة ممنهجة سيما في محور الغذاء والمواد الحساسة يكرسها اتسام الاقتصاد التونسي بكونه اقتصاد ريع بامتياز.

يذكر، في هذا الإطار، ان البنك الدولي كان قد بين في تقرير له أن الأسواق التونسية تتميز بقيود متعددة على المنافسة مما ينتج عنه بيئة لا تستطيع فيها الشركات المنافسة ولا يمكنها النمو على أساس قدرتها الإنتاجية و / أو جودة خدماتها.  ويوضح البنك الدولي أنّ هذه الحواجز تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين والشركات، كما توضح العديد من الأمثلة: فسعر الموز وسعر البن في تونس يتجاوز ضعف سعرهما في السوق الدولية.

هذا وكان حسام سعد عضو جمعية “الرت” قد صرح بان الاقتصاد التونسي شهد بعض الانفتاح في سنوات التسعينات، مضيفا أن الدولة كانت في عهد الزعيم الحبيب بورقيبة تحتكر عديد القطاعات، وفي عهد الرئيس السابق بن علي تخلّت الدولة عن بعض القطاعات، ولكن لأشخاص بعينهم ولفائدة عائلات محددة، مضيفا أن أواخر التسعينات أصبحت العائلة الموسعة الحاكمة هي المتحكمة في الاقتصاد التونسي. وأضاف حسام سعد أن النظام الريعي هو الذي يرسي ويشجع الاقتصاد الريعي، حيث يكون النظام الريعي في كل المجالات كالمجال الصحي أو الاجتماعي وكذلك الاقتصادي وهو ما يفسّر طبيعة النظام الريعي.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى