اقتصاد وأعمال

المسؤولية الاجتماعية للشركات: ضرورة حاسمة لاقتصاد المستقبل

أصبحت المسؤولية الاجتماعية للشركات مفهومًا أساسيًا في المشهد الاقتصادي العالمي، حيث تلعب دورًا حاسمًا في التنمية المستدامة للشركات والمجتمعات. وفي تونس، يكتسب هذا المفهوم أهمية متزايدة، ليس فقط باعتباره حافزا للأداء الاقتصادي، بل أيضا باعتباره ضامنا للانتقال وللتقدم الاجتماعي والبيئي.

تشمل المسؤولية الاجتماعية للشركات جميع الممارسات التي تطبقها الشركات لدمج الاهتمامات الاجتماعية والبيئية وما شابهها في أنشطتها التجارية وتفاعلاتها مع الاطراف المعنية بمسارات عملها. وفي تونس، تتعدد تحديات المسؤولية الاجتماعية للشركات وهي تتعلق اساسا بتحسين ظروف العمل، وحماية البيئة، وتعزيز المساواة بين الجنسين، والمساهمة في التنمية المحلية، وما إلى ذلك من تحديات حاسمة.

المسؤولية الاجتماعية للشركات دافع للقدرة التنافسية

أدركت العديد من الشركات التونسية أن المسؤولية الاجتماعية للشركات يمكن أن تشكل ميزة تنافسية. ومن خلال تبني ممارسات مسؤولة، مثل الحد من بصمتها البيئية أو الاستثمار في تنمية مهارات موظفيها، عاملا مهما في رقيها وتطور انشطتها وهو ما يزيد في دعم الشركات في تحسين علامتها التجارية وتعزيز علاقتها مع المستهلكين والوصول إلى أسواق جديدة، وخاصة تلك الحساسة للمخاوف الاجتماعية والبيئية.

وتسعى العديد من الشركات التونسية الى قيام علاقتها بمحيطها على أساس احترام جملة من المقتضيات القانونية والسلوكية التي من شأنها أن تعزز مسؤولية المؤسسة إزاء مجتمعها. فالمؤسسة تلتزم بتطبيق مجموعة من القواعد المتعلقة بتسييرها و بآليات أخذ القرارات داخلها إضافة إلى كيفية متابعة نشاطها والتصريح ببرامجها، غير أن هذه القواعد يجب أن ترفق بمجموعة من الاليات والتدابير التي تمك ع بحقوقه في بيئة سليمة وفي تنمية مستدامة من خلال تبني المؤسسة لسلوك مسؤول. وفي هذا الإطار، اتفقت أغلب المعاهدات الدولية المتعلقة بالشغل والمسائل الاجتماعية والبيئية على إرساء مفهوم المسؤولية المجتمعية للمؤسسة.

المسؤولية الاجتماعية للشركات في خدمة الإدماج الاجتماعي

في سياق تظل فيه البطالة وعدم المساواة الاجتماعية من التحديات الكبرى، يمكن للمسؤولية الاجتماعية للشركات أن تلعب دورًا كبيرا في تعزيز الاندماج الاجتماعي في تونس.

ومن خلال تعزيز توظيف الشباب والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة بشكل خاص، أو دعم مبادرات التنمية المحلية أو المساهمة في التعليم والتدريب المهني، تشارك الشركات بنشاط في بناء مجتمع أكثر استدامة وعدالة.

وفي سياق عالمي تتزايد فيه التحديات البيئية والاجتماعية إلحاحا، تصبح المسؤولية الاجتماعية للشركات أداة أساسية لتوجيه الاقتصاد التونسي نحو النمو الصديق للبيئة والشامل ذلك ان الشركات التي تدمج الممارسات المسؤولة في استراتيجيتها الشاملة تكون أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، مع المساهمة في رفاهية المجتمع التونسي ككل.

تحديات محورية

على الرغم من التقدم المحرز، لا يزال التنفيذ الفعال للمسؤولية الاجتماعية للشركات في تونس يواجه العديد من التحديات.

وتشمل هذه التحديات نقص الوعي والموارد والأطر التنظيمية المناسبة. وللتغلب على هذه العقبات، من الضروري تشجيع التعاون بين الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، وتعزيز القدرات التجارية وإنشاء بيئة تمكينية للابتكار الاجتماعي والبيئي.

هذا وتدعو عدة اطراف إلى مزيد تطوير القانون عدد 35 لسنة 2018 المتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات في اتجاه مزيد تحفيز المؤسسات على الانخراط في هذا المجال وخاصة جعل المسؤولية المجتمعية إلزامية .

وترمي الدعوات في هذا الصدد بالخصوص الى جعل المسؤولية المجتمعية للشركات أداة لحماية حقوق الانسان وإلزام الشركات باحترام الحقوق الاقتصادية والمجتمعية والبيئية في اطار ارساء عقوبات ردعية ضد المخالفين، دون الاقتصار على النظر الى المسالة كمجر اشكال يتعلق بالمصالحة بين الشركات الملوثة للصحة والبيئة مع محيطها.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى