اقتصاد وأعمال

قانون الصرف: متى تزول العقبات الترتيبية أمام التونسيين المقيمين بالخارج والمستثمرين؟

لسنوات عديدة، كان التونسيون، سواء كانوا مقيمين في تونس أو في الخارج، يعملون عن بعد مع شركائهم من الخواص والمؤسسات من جميع أنحاء العالم خاصة في فترة جائحة كورونا.

وبالنسبة إلى التونسيين المقيمين بالخارج بشكل خاص، فإن تحصيل دخلهم لا يطرح عمليا أي مشاكل في الخارج طالما أنهم يدفعون الضرائب والمساهمات الاجتماعية. غير انهم وبمجرد أن يعملوا من تونس لصالح الشركات في الخارج وبعد ستة أشهر من الإقامة في البلاد، فانهم يفقدون الاستفادة من حقوقهم كغير مقيمين في الحسابات البنكية بالعملة الأجنبية أو بالدينار القابل للتحويل.

ويعد هذا الوضع معطلا لمصالحهم، خاصة أنه مع انتشار جائحة كورونا، استقر عدد كبير من التونسيين المقيمين بالخارج وكثير منهم مزدوج الجنسية، في تونس، واستمروا في العمل عن بُعد لأن عددًا كبيرًا من الشركات في أوروبا وحول العالم تخلت عن أسلوب العمل الحضوري أو هي بصدد التخلي عنه تقريبًا.

من ناحية أخرى، يتم التثبت في جميع التحويلات من الخارج لصالح التونسيين المقيمين بالخارج من قبل وحدات المعلومات المالية في البنوك وفي العديد من الحالات من قبل اللجنة التونسية للتحاليل المالية حتى لو كانت هذه التحويلات متواترة ومبررة بعقود عمل ولا يتم الإفراج عن تلك التحويلات في العادة إلا بعد فترة طويلة من الانتظار ودفع عمولات باهظة.

ويواجه المصدرون أيضًا نفس المشكلة عند إعادة التدفقات الناتجة عن أنشطتهم أو عند تكوين ملفات التسبقة على رحلات الأعمال وهي الطريقة الوحيدة التي تتيح لهم الحصول على عملات أجنبية للمشاركة في المعارض أو البقاء في الخارج في سياق نشاطات مهنية.

نفس المشكلة تواجهه تحويلات المستثمرين الأجانب. فنظريًا ووفقًا للسلطات التونسية، تسمح قوانين الاستثمار المختلفة بحرية الاستثمار في جميع القطاعات المنصوص عليها ويمكن للمستثمرين الأجانب الاحتفاظ بما يصل إلى 100 بالمائة من رأس مال المشروع دون ترخيص.

ومع ذلك، فإن الواقع مختلف تمامًا نظرًا لوجود 265 ترخيصًا للقيام بأنشطة اقتصادية وفقًا للتقارير الدولية، بالإضافة إلى إجراءات صارمة أخرى تستند إلى نظام من القيود والتراخيص الانتقائية لتحويل الأرباح ومختلف الاصناف من مداخيل رأس المال. علاوة على ذلك، تم تصنيف تونس من بين آخر الدول في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر، والتي لم تتجاوز 660 مليون دولار في عام 2021.

وينتظر الفاعلون الاقتصاديون التونسيون مشروع قانون الصرف الجديد ويأملون أن يسهل مهمة الجيل الجديد من المستثمرين الشباب الذين يعملون في قطاعات ابتكارية ويمكّنهم من تجاوز الحواجز التي يفرضها القانون الحالي.

وقد أعلن محافظ البنك المركزي التونسي مروان عباسي مؤخرا، أن قانون الصرف الجديد سيكون جاهزا خلال شهر جويلية المنصرم. فيما أشارت المديرة العامة لعمليات الصرف الأجنبي في البنك المركزي إلى أن البنك المركزي ملتزم بتنفيذ إصلاحات رئيسية تتعلق بالقانون بمساعدة البنك الدولي.

وحسب ملاحظين، يمثل قانون الصرف الحالي الذي يعود تاريخه إلى عام 1976 عقبة أمام سيولة حركة الأموال والتحويلات وخاصة بالنسبة للمستثمرين الشباب.

وعلى مدى أكثر من 4 عقود، قامت السلطات المالية بشكل متواتر بمراجعة قانون الصرف دون المساس بالأساسيات، وكان أهمها في التسعينيات من القرن الماضي من خلال السماح بفتح حسابات بالدينار القابل للتحويل، في حين استحوذ السوق الموازي على حصص كبيرة من الاقتصاد والعملة الصعبة، مستفيدًا من القيود التي يفترض أن يستهدفها القانون الجديد.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى