مجتمع

بقلم الأستاذ حمدان الجبيلي: “العاملات بمحلّات بيع الأحذية والملابس الجاهزة: ” رِفْقًا…رِفْقًا”

في عيد الفطر.. العيد الذي تحرص فيه أغلب العائلات أن تكسو أبناءها اللباس الجديد(صحة و فرحة)، و تكون الوجهة نحو محلّات بيع الأحذية ومحلّات بيع الملابس الجاهزة، و أحيانا يظلّ الواحد منّا يطوّف بين المحلّات اليوم واليومين، فهناك من يبحث عن المقاس الذي يناسبه، وهناك من يبحث عن الموضة، وهناك من يبحث عن موديل غير الموديلات التي تملأ خزانة الملابس عنده، وهناك المُكْرَهُ تحت طلبات الأبناء و إلحاحهم.

ندخل المحلّات التجارية فتكون أعيننا معلّقة بالبضاعة و الأثمان، و لا شيء غير ذلك، ثم تتقدم منك شابّة مبتسمة بشوش فتسألك إن كنت تحتاج مساعدة، ثم تخدمك بكل صبر وتفان ورقة.
كم يا ترى تتقاضى تلك الشابة ؟ وهل عملها قارّا؟ أم أنّه مناسباتي موسمي ؟

هذه الفئة من الفتيات العاملات عادة ما يتأنّقن في لباسهنّ ، يتحلّين بالابتسامة والصبر؛ يقدّمن الخدمة للزبون..يرشدنه و يطلب منهن المقاس فيجلبنه له ، ثم بكل صبر وتفان يعيدون ما لم يقع الاتفاق النهائي عليه إلى مكانه ولكن الزبون –بصّره الله – تكون عيناه على البضاعة وعلى الثمن وعلى المقاس دون أن ينظر إلى تلك العاملة المرهقة و إن نظر فإنّ عيناه لا تتجاوزان خاصرتها و دجينها المحزوق.

سرّحْ بصرك أيها الزبون الذي صام وصلّى وختم القرآن.. سّرحْ بصرك لترى التعب في عينيها والحرمان في نظرتها.. سرّح بصرك لترى حذاءها الرياضي المغبرّ المتآكل.

هي تحاول قدر المستطاع أن تكون مبتسمة و بشوشة ولكنها تداري تضايقها و تعبها وآلام الركبتين والكعبين وأصابع القدم التي يضغطها حذاؤها طيلة ساعات. ربما يصيبك الملل والضجر وأنت تختار لباسا لنفسك أو لزوجك أو لأطفالك ، فما بالك بها هي تمضي الساعات الطوال تبيع أحذية تعجز براتبها على شراء واحد منها وتبيع بنتلونات تشتهي أن تقيسها كما تقيسينها أنت أو بنيّتك أعزّكما الله، هي إنسان تشتهي أن تكون مثلنا رفيقة لأب أو لأخ أو لحبيب يخيّرها ويشتري لها لباس العيد، أو ربّما يكون كل همّها أن تعود بحفنة مال تلقيها بين يدي أب كسيح.. فرفقًا بهنّ .

انتبهوا إليهن و اشكروهنّ بكلمة طيّبة أو ببعض الدراهم الطّيبة تطهّرون بها نفوسهن وتزكّون بها مشترياتكم .
أعيدوا بأنفسكم ما أخذتموه من لباس إلى غرفة المقاس إلى مكانه، لا تكدّسوا الملابس ثم تتركونها وتغادرون فتظلّ المسكينة تتصبّب عرقا وأرقا وضيقا ،وهي تعيد ترتيب ما بعثرتم أنتم .
قد تقول لي يا صديقي :
– ذاك عملها.
الأمر كذلك ، ولكن لا بأس أن يكون سلوكنا إنسانيا إسلاميا فيه الرأفة والتقدير والتعاون و المقاسمة…الشيء القليل.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى