فيديو

فيديو | كيف ينظر التونسي اليوم لظاهرة “الحَرْقة” ؟

تُعتبر ظاهرة الهجرة ليست بالغريبة على المجتمع التونسي، نظامية كانت أو غير شرعية، أو حتى هجرة الأدمغة، لكن خلال الفترة الأخيرة أصبحت الأخبار تتضمّن يوميا حديثا عن انتشال جثث من البحر أو احباط عمليات هجرة غير شرعية، حيث كشفت آخر احصائيات وزارة الداخلية عن تمكّن السلطات التونسية، يوم السبت الماضي من إحباط 6 محاولات للهجرة غير الشرعية عبر الحدود البحرية، وإنقاذ 79 مهاجراً من الغرق، والقبض على 3 أشخاص يمتلكون ورشة لصنع القوارب البحرية بدون رخصة، بغرض مساعدة المهاجرين على اجتياز الحدود البحرية خلسة.

فيبدو أنّ الصعوبات الاقتصادية التي يعانيها المواطن التونسي وما آلت إليه الأوضاع من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار وغياب شبه كلّي لمواطن الشغل وغيرها من الإشكاليات التّي تثقل كاهل التونسي، تدفع الكثيرين للتفكير في الهجرة من مختلف الشرائح العمرية، فظاهرة “الحرقة” لم تعتد مقتصرة على الشباب فقط، حيث أصبح كل مركب تقريبا يتضمن بعض الفتيات أو حتى العائلات أيضا التّي تدفع بنفسها إلى مصير مجهول أمام وضعية اجتماعية تعيسة.

وفي السياق ذاته، تعيش البلاد التونسية منذ أكثر من أسبوع على وقع الأزمة المريرة التّي يعانيها آهالي جرجيس بعد فقدان عدد من المهاجرين كانوا على متن قارب متجه نحو السواحل الايطالية، بالإضافة إلى حادثة الطفلة ذات الـ4 سنوات التّي هزت الرأي العام التونسي والتّي أبحرت وحيدة في قارب من قوارب الموت ووصلت لجزيرة ”لامبدوزا”، التّي تتضمن مركزا لاستقبال المهاجرين، كشفت عديد البرامج التلفزية التّي تناولت هذا الموضوع أنّ الأوضاع فيه تكاد تكون غير انسانية.

وفي الحديث عن ذات الملف رصدت تونس الرّقمية آراء مجموعة من المواطنين بالعاصمة حول هذه المسألة، حيث تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لظاهرة “الحرقة”، وكانت الاجابات متوقّعة تقريبا، وفقا للشريحة العمرية، حيث يرى الشباب أنّها الحلّ الوحيد الذّي قد يبعث فيهم الأمل مجدّدا وربّما يمكّنهم من العيش في واقع أفضل مما يعيشونه في تونس حاليا، فيما كانت آراء الشريحة العمرية الأكبر سنا مغايرة وأكّدوا رفضهم لدفع الأشخاص بأنفسهم نحو رحلة مجهولة المصير ونحو مستقبل غير مضمون حتى ولو انتهت هذه الرحلة بسلام.

بلغة الأرقام والإحصائيات فقد ارتفع نسق الهجرة غير النظامية مؤخرا بشكل مفزع وهو ما يؤكده رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي بيّن بأنّ الهجرة غير النظامية نحو أوروبا شهدت نسقا تصاعديا في تونس خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد عام 2020 وظهور التداعيات السلبية لجائحة كورونا ثم الأزمة السياسية، متابعا بأنّه تمّ إحصاء أكثر من 12 ألفا و360 مهاجرا تونسيا نحو السواحل الإيطالية عام 2020 ثم ازداد العدد عام 2021 ببلوغه 15 ألفا و675″.

وأضاف بن عمر القول : “أحصينا بداية من عام 2022 إلى غاية شهر أوت الفارط أكثر من 11 ألف مهاجر غير نظامي وصلوا السواحل الإيطالية..وتشهد البلاد هجرة غير نظامية بشكل تصاعدي عبر صربيا وهي خط جديد أحصينا فيه وصول 4 آلاف و600 مجتازا إلى السواحل الأوروبية، مشيرا إلى أنّ السلطات التونسية منعت أكثر من 16 ألف مهاجرا غير نظامي من الوصول إلى السواحل الايطالية منذ بداية 2022”.

وختاما من الضروري أن نلفت النظر أنّه لا يمكن الاختلاف عن الصعوبات المتواصلة يوما بعد يوم في البلاد التونسية والتّي فقد شبابها بمختلف طبقاته الاجتماعية، تقريبا الأمل في العيش في واقع أفضل فيها، لكن الأكيد أنّ الحلّ لا يكمن في قوارب الموت والهجرة غير الشرعية، لأنّ أوروبا في كل الحالات ليست الجنة الموعودة كما يتصورها السواد الأعظم من شبابنا.. 

*احصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى