مجتمع

محكمة صورية من أجل جرائم تقتيل النساء: إدانة المتهمين بأقصى العقوبة

أدانت المحكمة الصورية من أجل جرائم تقتيل النساء المنعقدة بجلستها العمومية بقصر المؤتمرات، اليوم الاحد، المتهمين الاثنين في ارتكاب جرائم العنف المسلطة على زوجتيهما.

وقررت المحكمة الصورية، في القضية الأولى، بثبوت ادانة المتهم بتسليط العقوبة الأقصى لما توصلت اليه دائرة الاتهام من تكييف، ولا ترى أي موجب لأعمال ظروف التخفيف المنصوص عليها بالفصل 53 من المجلة الجزائية.

اما في القضية الثانية من اجل محاولة الاغتصاب الزوجي والاعتداء بالعنف الشديد الناتج عنه القتل، وتطبيقا لقواعد التوارد المادي على معنى احكام الفصل 54، قررت المحكمة الصورية، تسليط العقوبة الأقصى على المتهم.

ويأتي تنظيم هذه المحاكمة الصورية ببادرة من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، في اطار إحياء لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وانطلاق حملة “16 يوما من النضال ضد العنف المسلط على النساء”، التي تنتهي بتاريخ 10 ديسمبر 2023، ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الانسان.

وتعلقت جريمة القتل الأولى التي كانت ضحيتها سنية العجيلي في 16 جوان 2008 على يد زوجها بعد تعرضها للعنف المعنوي والمادي والاقتصادي المتكرر في محل الزوجية، الذي انتهى بخنقها حد الموت ودفنها بحديقة المنزل وزرع شجرة زيتون فوق جثتها لطمس اثار الجريمة ثم التبليغ عن اختفائها.

أما جريمة القتل الثانية فتعود اطوارها الى مارس 2020، أي ما بعد صدور القانون 58، والتي راحت ضحيتها كلبوسية المثلوثي بعد ان وجه لها زوجها 4 ضربات بمطرقة على مستوى الرأس وتتوفى يوم 25 افريل 2020.

وارتكزت نتائج حكم المحكمة في القضيتين على ان العنف ضد النساء هو أكثر انتهاكات حقوق الانسان انتشارا في مختلف انحاء العالم، وان تقتيل النساء يعتبر أقصى حالات العنف المسلط على النساء والفتيات، وهو مظهر من مظاهر التمييز ضدهن على أساس الجنس الذي يجد أسسه في النظام الابوي السائد.

كما اعتبرت المحكمة ان تقتيل النساء انتهاك جسيم لحقوق الانسان وتعدّ على الكرامة الإنسانية وعلى الحرمة الجسدية والمعنوية والحق في الحياة.

وأضافت ان تقتيل النساء والعنف المسلط عليهن هو نتاج لعلاقات غير متساوية بين النساء والرجال كرستها الانظمة السائدة عبر التاريخ واستغلتها لحرمان النساء من حقوقهن على قدم المساواة مع الرجال.

وقد ارتكز قرار المحكمة الصورية على أن القوانين الوضعية لا زالت تكرس التمييز ضد النساء ولان “الانظمة القضائية والامنية الحالية لا تستجيب لحاجيات الضحايا ولا تحميهن في المنزل وفي الشارع وفي اي مكان”.

وعبرت هيئة المحكمة في مستهل لائحة أصدرتها بالمناسبة، عن تضامنها مع عائلات الضحايا مترحمة على أرواح الفقيدات.

كما حيّت نضالات النساء في تونس وفي كل العالم وشدت من خلالها على ايادي المناضلات والمدافعات عن حقوق الانسان وكل الناشطات لمواصلة النضال بلا هوادة من اجل حقوقهن في الكرامة والمساواة، كل الحقوق بدون أي ميز او قيد، في القانون وامام القانون وإلغاء كافة اشكال العنف والتمييز وقمع النظام الابوي.

واعتبارا لكون وقائع القضيتين تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان عامة والحق في الحياة خاصة المكفول بالدستور والمواثيق الدولية والإقليمية، حمّلت المحكمة الصورية، الدولة التونسية مسؤوليتها في إخلالها بمبدأ العناية الواجبة المحمول عليها بموجب الصكوك الدولية في حماية النساء واتخاذ التدابير الكافية لإلغاء كافة اشكال العنف والتمييز ضدهن وهو ما يؤدي الى تقتيلهن.

وطالبت المحكمة الصورية بإصدار قانون يجعل من جريمة تقتيل النساء جريمة لا تسقط بمرور الزمن داعية الدولة التونسية الى المصادقة على اتفاقية إسطنبول في ما يتعلق بالعنف والعنف المنزلي, كما نادت المحكمة بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية بإلغاء كافة الاحكام التمييزية الواردة بها تكريسا للمساواة التامة والفعلية بين الجنسين.

واوصت بتفعيل القانون عدد 58 لسنة 2017 في شمولية احكامه و فلسفته خاصة في المقاربة الرباعية القائمة على الوقاية والحماية والتعهد والتتبع ودعت المحكمة، أيضا، وزارة العدل الى مواصلة تكوين القضاة في قانون العنف والمعايير الدولية لمناهضة العنف ودعما للتخصص والاستمرارية في الخطة القضائية.

وخلصت بتوصية وجهتها الى وزارة الداخلية تقضي بتكوين اعوانها واطاراتها خاصة منها في الفرق المختصة للبحث في جرائم العنف ضد المراة والاستجابة سريعا الى كل إشعار او تدخل وتمتيع النساء بحقوقهن في الحماية الفورية والمستعجلة مع اعتماد، وجوبا، مؤشرات العنف عند ورود كل شكاية عليهم ووضع آلية للمساءلة عند التقصير في تطبيق مقتضيات القانون 58.

ويندرج تنظيم هذه المحكمة الصورية، وهي الثالثة في تونس، ضمن الحملة الدولية السنوية “16 يوما من النضال ضد العنف المسلط على النساء،” من أجل رد الاعتبار وتكريما لذكرى كلّ النساء اللواتي قتلتهن الذكورية وتضامنا مع العائلات الثكلى وكذلك لإدانة فشل مؤسسات الدولة والنظام القضائي في التعامل مع العنف المبني على النوع الاجتماعي”، وفق ما صرحت به، امس السبت، رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نائلة الزغلامي.

ولفتت إلى أن هذه “الظاهرة تطورت خلال السنوات الأخيرة ليصل عدد الضحايا الى 27 امرأة دون احتساب الحالات الخفية والموت المستراب وضحايا العمل الفلاحي اللواتي يقتلن في شاحنات الموت أو اللواتي يتكبدن في كل لحظة شتى أنواع العنف والتنكيل الذكوري في مختلف الفضاءات”.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى