اقتصاد وأعمال

تحليل اقتصادي – تونس تواجه صدمات اقتصادية مع عدم قدرتها على الحصول على تمويل من الأسواق الدولية

توقع البنك الدولي في تقريره الأخير “افاق الاقتصاد العالمي” الصادر في 7 جوان الجاري أن يتسم نسق معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالتسارع الى 5.3 بالمائة في 2022 قبل أن ينخفض إلى 3.6 بالمائة في 2023. 

ومن المتوقع على الصعيد الدولي، وفق البنك، أن يتراجع النمو العالمي من 5.7 بالمائة في عام 2021 إلى 2.9 بالمائة في عام 2022 – وهي نسبة أقل بكثير من النسبة التي كانت متوقعة في شهر جانفي والبالغة 4.1 بالمائة، كما يتوقع أن يتابع النمو العالمي تأرجحه حول تلك الوتيرة خلال الفترة من 2023 إلى 2024، في وقت تتسبب فيه الحرب في أوكرانيا في تعطيل النشاط الاقتصادي والاستثمار والتجارة على المدى القريب، ويضعف فيه الطلب المنحسر، فضلاً عن إنهاء العمل بالسياسات المالية والنقدية التيسيرية. ونتيجة للأضرار التي نجمت عن الجائحة والحرب، سيظل مستوى نصيب الفرد من الدخل في الاقتصادات النامية هذا العام منخفضاً بنحو 5 بالمائة عن اتجاهاته التي كانت سائدة قبل تفشي الجائحة.

وأوضح البنك الدولي أن البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا شهدت ارتفاعاً في الإنتاج ساعد على الحفاظ على مستويات انتعاش اقتصادي قوة، لكن في المقابل كان هناك ارتفاعات في أسعار المواد الغذائية وتكاليف الاقتراض. وفي المقابل، يقدر البنك الدولي أن الدول المستوردة للنفط تواجه ارتفاعاً في أسعار الغذاء والطاقة وزيادة تكلفة الاقتراض.

وفي تقريره قدم البنك الدولي أول مقارنة للظروف الاقتصادية العالمية الراهنة مع الركود التضخمي الذي سجل في سبعينيات القرن الماضي. وتركز التقييم خصوصا على تحليل تأثير الركود التضخمي على الاقتصادات الناشئة والنامية. وجرت الاشرة إلى أن الوضع الحالي يتشارك أزمة السبعينيات بثلاث نقاط هي: اضطرابات متواصلة للعرض ما يغذي التضخم سبقتها فترة طويلة من سياسة نقدية مريحة جداً في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية وتوقعات بحصول تباطؤ في النمو واقتصادات ناشئة ونامية ضعيفة أمام ضرورة تشديد السياسات النقدية للسيطرة على التضخم، لكن ثمة فروق رئيسية إذ ان الدولار قوي، في حين أنه كان ضعيفاً جدا في السبعينيات.

يضاف إلى ذلك أن حجم ارتفاع أسعار السلع الاساسية أكثر اعتدالا فيما نتائج المؤسسات المالية الرئيسية “متينة عموماً”. هذا ويتم التأكيد على أن “الأهم هو أن المصارف المركزية في الاقتصادات المتقدمة والكثير من تلك النامية، خلافا للسبعينيات، بات لديها تفويض واضح من أجل تحقيق استقرار الأسعار.” ويتوقع البنك الدولي كذلك تباطؤاً في التضخم العام المقبل على ان يبقى “على الأرجح” أعلى من الأهداف المحددة في الكثير من الدول. وحذر البنك من أنه “في حال بقي التضخم مرتفعاً قد يؤدي تكرار الحلول المعتمدة في المرحلة السابقة من الركود التضخمي إلى ركود عالمي قوي فضلاً عن أزمات مالية في بعض الاقتصادات الناشئة والنامية”.

اما فيما يتعلق بالوضع في تونس، فقد قدر البنك الدولي في تقريره “افاق الاقتصاد العالمي” انه لم يتم سوى تحقيق تعاف طفيف في عام 2021 مبينا ان تونس تواجه صدمات اقتصادية متعددة مع عدم قدرتها على الحصول على تمويل من الأسواق الدولية، فيما تمر بعملية تحول سياسي معقدة. ولا تزال نسبة البطالة في تونس، حسب تقدير البنك الدولي، مرتفعة عند 16.1 بالمائة مع عدم وجود حيز متاح لتطبيق سياسات تحفيزية للنمو.

وأوضحت المؤسسة المالية الدولية تقريرها ان النمو يعد متواضعا في تونس وهو اقل بكثير من الإمكانيات المتاحة في البلاد وذلك بالنظر خاصة لمستوى البطالة. ورجحت بلوغ نسبة النمو في البلاد لهذا العام 3 بالمائة.

يذكر ان البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، كان قد خفض في 10 ماي الفارط، توقّعاته لنمو الاقتصاد التونسي إلى 2 بالمائة بعد توقّعات سابقة في حدود 2.7 بالمائة مع الإبقاء على نسبة نمو متوقّعة عند مستوى 2.5 بالمائة لسنة 2023.

وراجع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في تقرير نشره تحت عنوان “الآفاق الاقتصادية الإقليمية: عودة إلى الأسعار المستقبلية ومجابهة أسعار الغذاء والطاقة” نسب النمو المرتقبة لمختلف اقتصاديات المناطق التي يتدخل فيها نحو التخفيض.

وأرجع البنك مراجعة نمو الاقتصاد التونسي إلى زيادة الهشاشة وعدم اليقين المتواصل الى جانب تأثير الحرب في أوكرانيا وارتفاع الاسعار وخاصة الزيوت والحبوب على العائلات الى جانب ميزانية الدولة بفعل تأثير مخصّصات الدعم.

وأشار البنك إلى حالة البطء التي تسود المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي باعتبار التحولات السياسية المسجلة على مستوى المشهد السياسي في تونس منذ شهر جويلية 2021 ورغم مفاوضات فنية جارية واتفاق محتمل في “مستقبل قريب”، فإنّه من المنتظر أن يقدّم هذا البرنامج الجديد للبلاد تمويلا جديدا خارجيا ومتابعة فنّية ضرورية.

وأضاف أنّ البرنامج يمكن أن يدعم قدرة الحكومة على الانطلاق في إصلاحات ضرورية على غرار تقليص كتلة الأجور في القطاع العام ودعم المحروقات خاّصة في ظلّ رفض قويّ من المواطنين والنقابات. ولاحظ البنك أنّ مستوى النمو المستقبلية تبقى تحت تأثير أيّ تأخير في الإصلاحات والوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وتدهور الوضع السياسي وتأثير الحرب في أوكرانيا على الأسعار العالمية للغذاء والطاقة وانعكاسات الحرب على آفاق النمو في أوروبا، شريك تونس الاقتصادي الأساسي.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى