اقتصاد وأعمال

من يريد حرمان التونسيين من أكل لحوم الدواجن؟

بلغت أسعار معظم السلع الاستهلاكية، وخاصة في الفترة الأخيرة مستويات قياسية وهو ما ادى الى معاناة فئات واسعة من المواطنين من انخفاض حاد في قدرتهم الشرائية وذلك بالتزامن مع ارتفاع تكلفة العديد من المنتجات الأساسية وندرتها مثل لحوم الدواجن التي ازدادت أسعارها مؤخرا بشكل لافت سواء بالنسبة إلى المستهلك أو للتجار.

وفي هذا السياق، انتقد إبراهيم النفزاوي، رئيس الغرفة الوطنية لتجارة التجزئة للدواجن، أوّل أمس الثلاثاء 23 أوت الجاري، في تصريح لوسائل الإعلام رفع أسعار بيع لحوم الدواجن للتجار من قبل الشركات الكبرى بزيادة تقدر بثلاثة دنانير للكيلوغرام الواحد أو أكثر، إذ بلغ معدل ارتفاع أسعار التجزئة مقارنة بالأسبوع الماضي 25 بالمائة.

واكد النفزاوي إلى أن التجار فوجئوا برفع الأسعار من قبل الشركات الكبرى التي خفضت في نفس الوقت كميات الدجاج الجاهز للاستهلاك من 12 ألف طن إلى 8 آلاف طن، ما يُعدّ مناورة بقصد المضاربة، حسب قوله.

هذا ويشار الى أن تربية الدواجن في تونس قطاع استراتيجي يمثل 33 بالمائة من الإنتاج الحيواني و12 بالمائة من الإنتاج الفلاحي و59 بالمائة من إنتاج اللحوم، إضافة إلى أنه يوفر 15000 فرصة عمل. وبعد عام 2011 وخاصة منذ عام 2012، شهد القطاع فوضى في الإنتاج والتصدير والاستيراد مما أدى إلى تعطيل سلسلة الإنتاج.

في جانت اخر، استنكرت النقابة التونسية للفلاحين في العديد من المناسبات الزيادات المتتالية والمفرطة في أسعار الأعلاف المركبة للدواجن. وقالت النقابة إن الزيادات أصبحت شبه شهرية “عشوائية” و”متكررة” لدرجة تعريض القطاع للإفلاس.

واعتبرت النقابة التونسية للفلاحين أن ما يحدث هو “تدمير منظم” لقطاع الثروة الحيوانية في تونس والأمن الغذائي للبلاد مما سيؤدي بالتأكيد، وفي فترة وجيزة إلى “اختفاء” عشرات الآلاف من صغار مربي الدواجن.

ويرى مراقبون أن مشكلة احتكار بيع علف الدواجن من قبل عدد قليل من الشركات قد أدى لسحق صغار الفلاحين، إضافة إلى أن غياب الرقابة من قبل السلطات على الهوامش التجارية لهذه الشركات. وامام عدم تصنيف السلطات للأغذية المركبة مثل فول الصوجا والذرة في قائمة المنتجات الغذائية الأساسية، فانه من الوارد ان يندثر صغار المربين بشكل نهائي وهم الذين يساهمون بنسبة هامة في الأمن الغذائي الوطني.

كما حذر العديد من المراقبين والمتخصصين في المجال من استمرار من خطورة احتكار 12 شركة، 7 منها تنتمي إلى “مجموعة كبيرة” من 80 بالمائة من واردات الأعلاف المركبة.

غير ان هذه الشركات لا تتحكم في سوق الاستيراد فحسب، بل تتحكم أيضًا في إنتاج لحوم الدواجن من خلال الشركات التابعة لها. ومن ثم فهي في حالة احتكار للقطاع ككل. فيما أصبح صغار المربين في حالة مناولة لدى هذه الشركات.

وعلاوة على ذلك، شجعت الواردات الفوضوية ظهور جهات فاعلة جديدة، مثل المهربين والوسطاء وعززت موقف بعض الشركات التي تحولت أنشطتها إلى السمسرة على حساب المربين والتجار والمستهلكين. هذا وتتجاهل الحكومات المتعاقبة تأثير هذه الجهات الفاعلة على موارد القطاع وتأثيرها الضار على صغار مربي الدواجن والتي انسحبت تدريجياً من إشراف ودعم هذا القطاع الحيوي تحت وطأة جماعات الضغط التي عرفت كيف تستخلص مزايا جديدة من خلال سحق صغار الفلاحين والمستهلكين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى