مجتمع

2020..سنة استثنائية على جميع الأصعدة، لن تُمحى من ذاكرة التونسيين

2020 كانت سنة مختلفة على جميع الأصعدة.. سنة يبدو أنّها لن تُمحى بسهولة من عقول التونسيين، فبداية أوّل شهر من السنة كانت الأحداث سياسية بإمتياز حيث وبعد مخاض كبير من المشاورات سلّم رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي حكومته لرئيس الجمهورية قيس سعيّد ليتمّ عرضها في العاشر من شهر جانفي أمام البرلمان، أين سجّلت البلاد التونسية حدثا تاريخيا لم يشهده مجلس النوّاب من خلال عدم المصادقة على هذه الحكومة.

ووفق ما ينصّ عليه الدّستور عادت المسؤولية لرئيس الجمهورية الذّي اختار هذه المّرة وفي 21 جانفي بالتحديد إلياس الفخفاخ لتشكيل الحكومة  بعد  أن أشار سعيّد إلى امكانية المرور إلى انتخابات مبكّرة في أحد اجتماعاته برئيس البرلمان في أواخر شهر فيفري، ولعلّ هذا القرار ساهم في نجاح حكومة الفخفاخ في نيل ثقة البرلمان إلاّ أنّه سجّل استثناءً هو الآخر من خلال كون حكومته كانت تقريبا أقصر حكومة تشهدها البلاد التونسية رغم الثقة الكبيرة التّي بدا عليها الفخفاخ يوم تسليم وتسلّم السلطة مع الرئيس السابق يوسف الشاهد حيث أفاد حينها أنّه سيسعى بكافّة السبل للبقاء في منصبه.

أمّا بداية شهر مارس فعادت العمليات الإرهابية لتسجّل حضورها في المشهد التونسي من جديد حيث جد انفجار قرب السفارة الأمريكية وخلّف استشهاد شرطي وإصابة عدد آخرين، ليتمّ في ذات الشهر الإعلان عن أوّل الإصابات بكورونا في البلاد التونسية وهو الوباء الذّي ظهر في مدينة ووهان الصينية وشهد انتشارا واسعا في كافة دول العالم وحصد أرواح آلاف الأشخاص وفرض على الدّول الإعلان عن حظر صحّي شامل كانت من بينهم تونس التّي أعلنت عن هذا القرار في الثاني والعشرين من شهر مارس.

وقد عاش التونسيون طيلة حوالي الثلاث أشهر فترة لم يشهدوا مثلها من قبل.. ففيها مُنع التنقّل بين الولايات واختار المشغلون في القطاعين العام والخاص عمل الموظّفين عن بعد وأغلقت المقاهي والمطاعم ودور العبادة لتصبح الشوارع التونسية شبه خالية في مختلف الولايات أين كان للجيش الأبيض دور فعّال في هذه المرحلة التّي كانت مخلّفاتها الإقتصادية وخيمة على البلاد التونسية على غرار مختلف الدّول الأخرى.

هذا الحجر الصّحي لم يمنع الغنّوشي من المرور بأزمة خاصّة حيث انتشرت تقارير إعلامية تفيد بتورّطه في صفقات مشبوهة مع النظامين التركي والقطري تحديدا في 14 أفريل الفارط ليطلب الحزب الدستوري الحرّ مساءلة الغنوشي بخصوص هذا الملف، ومن جانها عبّرت مجموعة من الكتل البرلمانية عن استنكارها لمثل هذه التصرفات واقحام البلاد التونسية في صراعات خارجية.

أمّا بداية شهر ماي فكان الحدث ثقافيا بإمتياز ولأنّ هذه السنة مختلفة عن كافة السنوات الماضية فلأوّل مرّة في تاريخه تبقى مدارج مهرجان خالية من الجمهور حيث أعلنت وزارة الشؤون الثقافية عن تأجيل المهرجان نظرا للظرف الصحّي للبلاد في بداية شهر ماي رغم انطلاق الرفع التدريجي للحجر الصّحي في تلك الفترة، حيث كانت وزارة الصّحة بالتعاون مع لجنة مكافحة كورونا تُعلن بصفة تدريجية عن عودة بعض القطاعات للعمل إثر التمكّن من الحدّ من انتشار كورونا والإعلان عن التغلّب عليها.

شهر جويلية تزامن فيه ارتفاع حرارة الطّقس مع تشنّج الأجواء السياسية في البلاد فبعد اتّهامه بشبهات فساد وتضارب مصالح أعلن إلياس الفخفاخ عن استقالته في 17 جويلية من هذه السنة، ليختار قيس سعيّد هذه المرّة وزير الداخلية في حكومة الفخفاخ هشام المشيشي لتشكيل الحكومة التّي انطلق في المشاورات الخاصة بها في 3 أوت الفارط وقد واجهته بعض الصعوبات تمثّلت بالأساس في رفض حركة النّهضة لتوجهه نحو حكومة كفاءات ومطالبتها بحكومة أحزاب إلاّ أنّ المشيشي تمكّن من تشكيل حكومة نالت ثقة البرلمان ليؤدّي اليمين الدستوري أمام رئيس الجمهورية في 3 سبتمبر 2020 .

أمّا شهر أكتوبر فكانت الأحداث فيه اجتماعية أساسا حيث قرّر المشيشي يوم الثالث عشر من الشهر إقالة والي القصرين على خلفية بعض الإحتجاجات بالجهة إثر وفاة شخص داخل كشك تمّ هدمه من قبل البلدية بحجّة عدم حصوله على رخصة.

شهر نوفمبر لم يكن أفضل من غيره حيث طغت عليه أحداث الكامور والإعتصامات التّي شهدتها المنطقة وتمت خلاله مفاوضات مع الحكومة انتهت بإمضاء اتفاق مع تنسيقية اعتصام الكامور، أنهى أزمة وقف ضخ النفط بحقول الجنوب التونسي،إلاّ أنّ هذا الإتّفاق تسبب في اندلاع احتجاجات على نطاق واسع في مناطق متفرقة بالبلاد للمطالبة بالتنمية وتوفير المزيد من مواطن الشغل ،حيث خاضت عدة مدن وولايات على غرار باجة والقيروان إضرابات جهوية عامة لحث الحكومة على تحسين الأوضاع التنموية، فيما تعهدت رئاسة الحكومة بإيجاد حلول لدفع عجلة التنمية بمختلف الجهات في مسعى منها لتهدئة الاحتجاجات.

أمّا آخر الوقائع التّي عرفتها البلاد فتمثّلت في أحداث “العين السخونة”، حيث نشب خلاف بين أهالي بنى خداش من ولاية مدنين وأهالي دوز بقبلي حول منطقة “العين السخونة”، وأسفرت المواجهات التي جرت في ديسمبر الجاري عن مقتل شخصين وإصابة العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، وهو ما استوجب تدخّل الجيش الوطني للحيلولة دون تطوّر الصراع، ومن جانبه زار الرئيس قيس سعيّد المنطقة للتأكيد على الوحدة الوطنية وتهدئة الوضع.

وخلال بداية الأسبوع الفارط وتحديدا في 21 ديسمبر تمّ الإعلان عن قرار القضاء بإيقاف وزير البيئة والشؤون المحلية ومسؤولين آخرين كبار، في إطار خضوعهم للتحقيق في ما بات يُعرف إعلاميا بـ”قضية النفايات الإيطالية”، وذلك بعد أن كشف برنامج تحقيقات تلفزي عن قيام شركة تونسية بتوريد نحو 120 ألف طن من الفضلات المنزلية من إيطاليا، وهو نشاط ممنوع وفق القانون.
أمّا نهاية الأسبوع الفارط فشهد ايقاف رئيس حزب قلب تونس ومالك قناة نسمة نبيل القروي من قبل القطب القضائي والمالي وذلك بتهمة تبييض أموال بعد تقرير قدّمه مجموعة من الخبراء قاموا به في الغرض، ومن جهتها استنكرت كتلة قلب تونس ثاني أكبر الكتل البرلمانية هذا الإجراء وقدّمت في مؤتمرين صحفيين مجموعة ملفات أفادت بأنّها تؤكّد براءة رئيس حزبهم..
يمكن الجزم أنّ ما عاشه التونسيون بصفة خاصة والعالم بصة عامة هذه السنة كان استثناءً على جمييع المقاييس ونقطة الإنطلاقة فيه كانت فيروس كورونا الذّي ورغم الإعلان عن اكتشاف بدل اللّقاح لقاحات له إلاّ أنّ منظمة الصّحة العالمية لازالت تحذّر ممّا ينتظر العالم من موجة قد تكون أسوأ ممّا شهده…

هذا ومازالت تونس تعاني مخلّفات هذه الأزمة التّي حصدت أرواح مئات التونسيين وتسببّبت في إحالات المئات الآخرين على البطالة في حين لازالت الصراعات السياسية والعنف اللفظي والمادي هو العنصر الطاغي تحت قبّة البرلمان بعيدا عن التطرق لما يهمّ الشّعب التونسي من مشاكل وصعوبات تتفاقم يوما بعد يوم..

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى