اقتصاد وأعمال

التقلص التضخمي، استراتيجية تسويقية أم مناورة احتيالية؟

شهدت فترة ما بعد جائحة كوفيد-19 تصاعدًا في التضخم العام لأسعار السلع والخدمات، وهذا الواقع يؤثر بشكل كبير على جميع قطاعات الاقتصاد، خاصة الصناعات الغذائية التي تشهد زيادة في تكاليف الإنتاج.

وفي ظل هذه الظروف، تسعى الشركات الكبرى إلى تحميل هذه التكاليف الإضافية للمستهلكين، وهنا تبرز استراتيجية التقلص التضخمي كخيار قد تتبناه بعض العلامات التجارية.

ما هو التقلص التضخمي؟

التقلص التضخميShrinkflation  هو مصطلح جديد يتكون من مصطلحين إنجليزيين هما التقلص والتضخم. وبالتالي فإن التقلص التضخمي يشير إلى الحالة التي تنخفض فيها كمية السلعة، على الرغم من أن سعرها يظل مستقرًا.

وهذا هو الحال، على سبيل المثال، عندما يظل سعر المنتج الغذائي ثابتًا، ولكن كميته تنخفض. وبالتالي لا توجد زيادة صريحة في الأسعار، بل يحصل المستهلك على كمية أقل بنفس السعر.

التقلص التضخمي شكل من أشكال التضخم

لا يأخذ حساب مؤشر أسعار المستهلك المعتمد لقياس التضخم في الاعتبار هذه الظاهرة التي يصعب الحد منها بشكل خاص.

كما انه لا يزال من الصعب توثيق التقلص التضخمي، نظرًا لأن المنتجات القديمة (الأكبر حجمًا) لم تعد غالبًا على الرفوف.

أسباب التقلص التضخمي

يفسر تفشي ظاهرة التقلص التضخمي بعدة عوامل اهمها الوضع الاقتصادي الخاص الذي تمر به عدة بلدان، وهو ما قد يدفع الى تزايد هذه الظاهرة خاصة أن أسعار التعبئة والتغليف والمواد الأولية ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة. وبالتالي، فإن الاقتصاديات الذي تحتاج إلى التعافي يمكن أن تعاني من تضخم أعلى من المتوقع، لا سيما نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة والمواد الخام المرتبطة بمخلفات الجائحة الصحية وتداعيات الحرب في أوكرانيا.

في جانب اخر، يمكن أن تؤدي المنافسة الشرسة في السوق أيضًا إلى التقلص التضخمي. إذ تتسم صناعة المواد الغذائية، بشكل عام، بتنافسية كبيرة لأن المستهلكين يمكنهم الوصول إلى مجموعة متنوعة من البدائل المتاحة. ولذلك، يبحث المنتجون عن الخيارات التي تسمح لهم بالاحتفاظ بتفضيل الحرفاء والحفاظ على هوامش ربحهم في نفس الوقت.

ويعتقد الخبراء أن ممارسة التقلص التضخمي ظهرت قبل فترة طويلة من أزمة ما بعد كوفيد-19.

وفي الواقع، إذا تبنت العلامات التجارية هذه الممارسة، فهذا أيضًا من أجل بناء ولاء المستهلك حيث لا تريد العلامات التجارية أن تفقد حرفاءها وتحاول الاحتفاظ بهم من خلال التقلص التضخمي.

وفقًا لخبراء سلوك المستهلك، عادةً ما يستغرق تنشيط دورة الشراء المتكررة سبع عمليات شراء. بمعنى آخر، فقط بعد سبع عمليات شراء لنفس المنتج، سيتم تخزين قرار الشراء في الدماغ بصفة تلقائية ويصبح قرار الشراء بعد ذلك آليا، بمعنى أن المستهلك لم يعد يوازن الإيجابيات والسلبيات. وإذا لم يعد المنتج متوفرًا، فسيتم كسر الدورة ولن يعود الحريف مرة أخرى.

هل هذه التقنية قانونية؟

وفقا لخبراء التسويق، فإن هذه الممارسة مسموح بها، ويتمثل الحل الأفضل للمستهلكين في التحقق من سعر وحدة الوزن او القياس بشكل عام، الذي يرتفع في حالة التقلص التضخمي. في حين أنه من الممكن في بعض الأحيان رؤية الانخفاض في كمية المنتج بالعين المجردة، إلا أن بعض الشركات المصنعة لا تفتقر إلى الإبداع لإخفائه.

ومع ذلك، فإن التشريعات في عدة بلدان وهياكل الاشراف على الشأن الاستهلاكي في عدد مهم من الدول وجمعيات الدفاع عن المستهلك بطيئة في الإشارة إلى هذه الممارسة التي تكتسب شعبية، كما أن الصناعات الغذائية والمساحات الكبرى ليست الوحيدة التي تلجأ إلى “التقلص التضخمي “.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى